حبى الاول

تذهب أيام وتجيء أيام.. تمضي سنين وتأتي سنين وخلال هذا الطوفان من الأيام والسنين نلتقي بأناس كثيرين ويحدث أننا نحب بعضنا بعضا ووقتها نعتقد أن هذا هو الحب الأول والأخير.. وتذهب جذوة الحب بحلوها ومرها وتنتهي القصة.. وبعد قليل تبدأ حدوتة ثانية وننتشي بهذا الحب الجديد ونقول هذا هو الحب الصحيح وتمضي الأيام وبقدرة قادر وعلي أتفه الأسباب ينتهي هذا الحب ولا يترك بداخلنا أي علامة!!.
تروح أيام وتجيء أيام.. تأتي وجوه وتختفي وجوه.. نلتقي بأناس ونبتعد عن آخرين ونمحي من ذاكرتنا أسماء وأسماء.. ويبقي واحد داخل وجداني لا استطيع نسيانه هو حبي الأول الذي لا تستطيع السنين أن تمحوه ولا الأيام أن تطويه ولا الليالي أن تميته..!!
حينما اسمع أغنية رقيقة أتذكره.. حينما أنجح في شيء ما في حياتي أتذكره.. حينما أشعر بوعكة صحية أتذكره.. حينما تلتقط عيناي اثنين تتشابك أيديهما بحنو وشوق أتذكره.. حينما أري نظرات الوله تنطق بها أعين تجاهي أتذكره.
شوقي له مازال في قلبي يعذبني.. فأنا اتنسم هواه.. والحنين للقائه يدميني أنني اختزن لقاءاته داخل عيوني.. واختزن أيضا صوتها داخل أذني.. إن كانت تحبني بكل درة في كيانها.. أفعالها.. أقوالها.. همساتها.. احتواؤها لي.. عطاؤها بلا حدود كل هذه الأشياء لو بحثت عنها وفتشت عليها بين نساء العالم أجمعين فلن أجدها.. إنها تمتلكها وحدها وأنا الأخر كنت أعطي وأعطي ولا يوجد حدود لعطائي ولا أسوار لعشقي ولا سقف لمناجاتي لها.. ولكن ماذا حدث لينفصل هذان الكيانان العاشقان ويبتعدان ويفترقان.. آه إنه القدر.. القدر الذي لا يرحم والعيون التي ترصد المحبين لتنتزعهم من بعضهم بعضا.. والغيرة من الذين لا تعرف نفوسهم الحب ولا تؤمن قلوبهم بالعشق.. هؤلاء جميعا تآمروا علينا لينهوا ما بيننا من حب!! لا آسفة إن الحب الذي بيننا لم ولن ينتهي أبدا ولكن هؤلاء الوحوش السعرانة استطاعوا فقط أن يبعدونا عن بعضنا ويزيدوا من المسافات التي تفصل أجسادنا عن بعضهما.. أما أرواحنا فإنها دائماً متلاحمة.. وأنا حينما اكتب هذا الكلام واعترف أنني لم أنس حبيبتي لحظة واحدة.. أقسم أنها الآخري لم تنساني.. أشعر بروحها ترفرف حولي.. وأحس بها تحوطني.. حتي أنفاسها أشعر بها تلفحني.. وكم كانت أنفاسها هذه تذيبني..
سنوات مضت وأيام ولت والحب في قلبي مازال مشتعلا.. لا تستغربوا ولا تتعجبوا من حديثي هذا وتقولون إن الحب يموت هو الآخر مثل أي شيء في الحياة.. ولكن حبي هذا خالد إلي الأبد.. راسخ داخل قلبي.. ربما أكون قد التقيت بأناس آخرين اعتقدت لوهلة مسروقة من الزمن أنهم استطاعوا أن يمحوا ويزيلوا الحب الأول والصادق الذي يعشش داخل صدري.. ولكنها كلها كانت أوهاما وهذا الوهم هو الذي يموت سريعا وينتهي من غير دموع ولا آهات أما الحب الذي حكيت عنه فحينما حرمت منه كانت زفراتي تسمعها الوديان.. وآهاتي تردد صداها الجبال والروابي.. حتي الطيور علي الأشجار كانت تغرد أحزاني والكروان يبكي لبكائي ولكن ماذا أفعل وأنا ما بيدي حيلة وفي قلبي تسكن الحيرة.
تمضي الأيام وتمر وأنا زي ما أنا.. حبها متغلغل داخلي ومتشعب داخل أوردتي وآه لو تعلمون أنني بالرغم من مرور كل هذه الأيام والسنين لم أره ولو لمرة واحدة حتي ولو بالصدفة.. القدر هو الذي فعل بنا هذا هو الذي فرق بيننا ربما تكون لحكمة لديه أنا لا أعرفها ولكن الذي أعرفه ومتأكد منه هو أنني مازلت أحبها بل أعشقها وأحلف بالله أنها هي الآخري مازالت متيما بي.
لماذا أنا بالذات يا تري معجونة بمكونات من العشق والغرام والهوي والهيام والإخلاص لحظة حب صادقة أمضيها مع حبيبة عمري تساوي عندي أكثر بكثير من مال الدنيا بأسرها لو تجمع بين يدي..!! هل يا تري أنا الوحيد المعجون بهذه التوليفة العجيبة أم يوجد أناس غيري لهم مواصفات مثل مواصفاتي؟ هل هذا لأنني وجدت الحب الصادق مرة واحدة في حياتي وشاءت إرادة الله ألا يكتمل ونستمر سويا وأعيش بقية حياتي بائس تائه مكتئب أري الجميع من حوالي غيري تماما.. يذهب حب عندهم ويأتي آخر أكثر قوة.. ويذهب الآخر القوي ويأتي بعده الأكثر عنفا وتأججا أما أنا فلا!! وضعت نفسي داخل شرنقة الحب الأوحد.. والآن أريد أن أمزق شرنقتي هذه وأريد أن أطير منها.. أريد أن أكون مثل بقية الناس.. أريد أن أعيش.. أفرح.. وأمرح وأحب وأتحب واتعذب وأهجر وأعود وأتسامح وأرجع للحب مرة أخري.. وهكذا هي الحياة لا تقف عند محطة واحدة.. القطار يمشي وأناس ينزلون في المحطات وآخرون يركبون ويستمرون لنهاية الخط وهكذا هي الحياة..!!
مع تحياتي الحب الصامت

بحبها رغم الالم